agIJ

جديد البحث العلمي
22May

هل مكتباتنا العُمانية تدعم اقتصاد المعرفة؟

22 May, 2024 | Return|

مع مضيّ الدول نحو الاقتصاد المعرفي، تتحمل المؤسسات التعليمية والأكاديمية مسؤولية كبيرة في تحقيق هذا النمو، وتمكين القوى العاملة المؤهلة، وتعقد المجتمعات أملها في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية بأن تؤدي دورًا رئيسًا في بناء المعرفة وتوجيه الفكر الجديد، وتأهيل الشباب ليكونوا قادرين على استخدام المعلومات وتحويلها إلى معرفة فعّالة، وتعد المكتبات الأكاديمية في سلطنة عُمان جزءًا أساسيًا من هذه الجهود؛ حيث تعمل على تأمين البنية الأساسية المعرفية الضرورية للطلبة والأكاديميين لاستكمال رحلة التعليم والبحث العلمي.

ورغم ذلك، تواجه المكتبات الأكاديمية تحديات متنوعة، مثل زيادة الطلب على الموارد المعرفية، والحفاظ على تحديث التقنيات، والأساليب المستخدمة في تقديم الخدمات، من هذا المنطلق، أجرى فريق بحثي يترأسه الدكتور خلفان بن زهران الحجي من كلية الآداب والعلوم الاجتماعية دراسة حول دور المكتبات الأكاديمية العمانية في دعم اقتصاد المعرفة، هدفت إلى التعرف على جاهزية البنية الأساسية للمكتبات الأكاديمية العمانية في دعم اقتصاد المعرفة، والنظر في خدمات المعلومات التي تقدمها لتعزيز التعلم المستمر ومشاركة المعرفة، ثم متابعة الأنشطة التي تُقام بها لتشجيع الثقافة والأفكار الإبداعية، وتتبّع جهودها لدعم الابتكار واستثمار رأس المال الفكري في المجتمع، بالإضافة إلى رصد جهودها لضمان مواكبة مجموعاتها لمتطلبات الاقتصاد المعرفي.

وبناءً على أهميته الكبيرة، يُعد دعم الاقتصاد المعرفي موضوعًا حيويًا يتطلب اهتمامًا خاصًا من قبل إدارة المكتبات نظرًا لتأثيره الإيجابي البالغ على المستفيدين والمجتمع بأسره؛ لذا اعتمدت الدراسة منهجًا وصفيًا يسعى إلى وصف الوضع بدقة للحصول على بيانات تتلاءم مع أهداف البحث وتجيب عن تساؤلاته، حيث تم استخدام استبانة كأداة لجمع البيانات التي تم تحليلها ومعالجتها، بهدف استخلاص المعاني والوصول إلى النتائج المرجوة.

وتوصلت نتائج الدراسة إلى أن المكتبات الأكاديمية العمانية تمتلك بنية أساسية جيدة في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، تمثلت في امتلاكها لمواقع إلكترونية تعرّف المستفيدين بخدماتها، ومعامل حواسيب وشبكات إنترنت تدعم البحث العلمي، وتسهل الاستفادة من الخدمات الإلكترونية بالإضافة إلى امتلاكها لفهارس إلكترونية تعمل على ربط الاحتياجات المعلوماتية للمستفيدين بمصادر المعلومات العلمية ذات العلاقة، بالإضافة إلى اشتراكها في قواعد البيانات الإلكترونية؛ حيث ساعدت هذه الجهود في تحديد المعلومات الملائمة لرغبات الباحثين، وتسهيل الوصول إليها.

وأشارت الدراسة إلى حرص المكتبات على تزويد المستفيدين بمهارات البحث والوصول للمعلومات، وتقييمها، وتحديد احتياجاتهم منها من خلال تنظيم حلقات عمل ودورات تدريبية في التقنيات والبرامج الحديثة، بهدف رفع الوعي المعلوماتي لديهم. كما تشجع المستفيدين على نشر المعرفة ومشاركتها، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على زيادة وعي المجتمع بالقضايا المحلية والعالمية، فضلًا عن اهتمامها بانتقاء مجموعاتها بما يتناسب مع التطورات التقنية الحديثة، من خلال اتباع مجموعة من المعايير والأسس التي تعزز عملية الاقتناء بما يتوافق مع التطورات في مجال العمل وإعادة الاستثمار.

وأظهرت النتائج في الجانب الآخر وجود نقائص في البرامج وورش التدريب التي تنظمها المكتبات، والتي تهدف إلى رفع مستوى وعي الأفراد بقضايا المجتمع، وتعزيز فهمهم والعثور على حلول مناسبة. كما أظهرت أيضًا ضعف اهتمامها بتعزيز الأفكار الإبداعية من خلال تنظيم فعاليات تجمع بين المفكرين ورواد الأعمال، مما يمكن أن يؤثر سلبًا على تطوير ثقافة الابتكار والإبداع في المجتمع.

علاوة على ذلك، تعاني بعض مكتبات المؤسسات الأكاديمية من ضعف في تشجيع الموظفين على التفكير الإبداعي وتطبيق خبراتهم في حل المشكلات المجتمعية بطرق مبتكرة، بالإضافة إلى قلة اهتمامها بمجال الابتكار واستغلال الفرص البحثية، وتحويل الأفكار إلى منتجات قابلة للاستخدام، وتعاني أيضًا من قصور في تقديم المصادر المعنية بتعزيز أفكار المستفيدين لتحسين الخدمات والمنتجات.

وشددت الدراسة على ضرورة الاطلاع على تجارب المكتبات العالمية في الدول المتقدمة في مجال اقتصاد المعرفة، للاستفادة من إسهاماتهم في دعمها، وتطبيقها على أرض الواقع، ثم ضرورة اهتمام المكتبات بتحفيز الأفكار الإبداعية من خلال التعاون مع الجمعيات المهنية مثل الجمعية العمانية للمكتبات والمعلومات في استقطاب الخبراء والمفكرين وتنظيم حلقات عمل ومحاضرات في التفكير الإبداعي. كما أكدت أهمية التعاون مع المؤسسات المعنية بالابتكار والاستثمار في سلطنة عمان مثل مجمع الابتكار مسقط، وتنظيم حلقات عمل للموظفين والمستفيدين المهتمين بمجالات الاختراع لمساعدتهم على تحويل أفكارهم إلى منتجات قابلة للاستخدام.